تعديل

جنوب أفريقيا - أريتريا : تجربتان

جنوب أفريقيا - أريتريا : تجربتان متناقضتان ( 1994م-2015م) .

بقلم / محمد علي موسى

في السادس من فبراير 2015م ، أقامت سفارة جمهورية جنوب أفريقيا ندوة بقاعة الإقليم الأوسط بالعاصمة الأريترية أسمرا، بهدف شرح تجربتها والتطور الذي أحدثته . حضر الندوة وزراء الحكومة الاريترية وجمع غفير من المواطنين ، خاطبهم سعادة سفير جمهورية جنوب أفريقيا معددا أوجه تجربة بلاده. كما خاطب الحضور معالي السيد / يماني قبرآب مستشار الرئيس الارتري . حاول يماني في كلمته حجب الشمس بيديه ،محاولا إيجاد التشابه بين المتناقضات، ممارسا تضليلا من العيار الثقيل ،كديدن الأنظمة الإستبدادية التي تقتات علي التزوير والتجهيل والتسويف القائم علي قاعدة الإرهاب وغياب الرأي الآخر . ففي كلمته أشار أن تجربتي جنوب أفريقيا واريتريا متماثلتان ،وذلك لاغراض تعبوية سياسية إنتهازية      عدوليس

وقال : "أن جنوب أفريقيا واجهت ما يواجهه الشعب الاريتري لكنها في النهاية إنتصرت، محققة النماء والتطور الصناعي لشعبها ، وأن أريتريا تقتفي أَثرتجربة جمهورية جنوب أفريقيا وستصل لذات ما وصلت إليه . تكاد الاذن لا تصدق ما سمعت ... لكن هذه هي الحقيقة التي وردت في كلمة يماني قبرآب الموجهة للشعب الأريتري . في عالم اليوم لا يوجد سياسي يخاطب شعبه بهذه الطريقة الموغلة في الإستخفاف بعقل الشعب إلا في أريتريا . ولتمرير هكذا خطاب كُمِمَت الأفواه وأُغتيل الاحرار والصحافة الحرة منذ وقت طويل. جمهورية جنوب أفريقيا ومنذ العام 1994م أي قرابة ربع قرن من الزمن ،تشهد الحرية والديمقراطية في ظل دولة القانون الذي سنه الشعب ، ممهدة بذلك الأرضية الضرورية لسيادة إرادة الشعب، فعم السلام والإستقرار والنمو السياسي والإجتماعي والإقتصادي . دولة اريتريا ومنذ العام 1994م أي قرابة ربع قرن من الزمن ، تشهد إغتيال ممنهج للحرية والديمقراطية والعدالة ومصادرة سيادة الشعب ، ناسفة بذلك كل الشروط الضرورية للتطور في المجالات كافة بل واضعة الدولة والمجتمع في مفترق الإنهيار المتكامل الأركان . لهذا من حقنا القول ...هل يستوي الأعمى والبصير ؟! هل يستوي الليل والنهار؟! هل يستوي الحق والباطل ؟! جمهورية جنوب أفريقيا شعارها الوطني، الذي تجسده علي أرض الواقع "الوحدة في التنوع" . وهي أكثر الدول تنوعا من حيث السكان في أقريقيا، وأن ألوان علمها يرمز للألوان الستة للميولات السياسية بالبلاد، والنظام السياسي ديمقراطي برلماني، سياستها الخارجية هي إنعكاس لسياستها الداخلية، ديمقراطية وحريات وعدالة ومساواة عماد نظامها، موازنة فيه بين المثالية والواقعية السياسية ، فأمنت التطور لشعبها، وتزعمت المسار الداعم والمروج القوي لحقوق الإنسان عالميا . اين حكومتكم معالي السيد/ يماني قبرآب من هذا ؟ !وأنت الأعلم أكثر من غيرك بهذا وذاك . فحزب المؤتمر الوطني الافريقي بقيادة المناضل نيلسون مانديلا ،الوفي لمبادئه ، نفذ نصوص ميثاقه المعروف ب "ميثاق الحرية"و التي تنص بأن جنوب أفريقيا هي ملك لكل من يعيش فيها، لم يقلها مخادعا لينفذ غيرها،لم يجعل البلاد ملكية حصرية له بل ملكا للشعب. ماذا فعل رئيس ارتريا علي أرض الواقع .الإجابة عن سؤالي يعلمها الجميع حتي أطفالنا في أرحام أمهاتهم . تضافرت نضالات المؤتمر الوطني الأفريقي مع ضغوط خارجية متضمنة المقاطعة الإقتصادية للأمم المتحدة ، فرض كل ذلك علي الحزب الوطني-حزب النظام العنصري- ضرورة تغيير سياساته ، فتحول الرئيس دي كلير إلي جناح المعتدلين ذوي النزعة البرغماتية في حزبه. ففي 26 أبريل 1994م جرت الإنتخابات الديمقراطية الحقيقية متعددة الاجناس لأول مرة في تاريخ البلاد وانتخب المناضل نيلسون مانديلا رئيسا ،وبهذا دخلت جمهورية جنوب أفريقيا فصلا جديدا في في التحول التاريخي والمفصلي الهام، فاتحة الابواب والنوافذ مشرعة علي مصرعيها لمستقبل مشرق لكل سكان البلاد وهذا ما كان. وبهذا نال الشعب الجنوب أفريقي نتائج تضحياته الطويلة والمريرة . في أريتريا كان الوضع يسير علي النقيض من ذلك ، فمن سخريات القدر في ذات التاريخ كانت تنسج في أريتريا مؤامرة الإنقلاب علي حلم الشعب الأرتري في الحرية .مؤامرة تغير أسمائها كسبا للوقت بين حكومة مؤقته إلي إنتقالية، ومن دولة الحزب الواحد إلي حزب الفرد الواحد المتسلط . كل ذلك كان يتم في أجواء شعبية فرحه منتشية بنصرها علي المحتل الأجنبي وتنظر بعين القداسة لمناضلي الثورة.أُسْتُغل هذا الشعور الوطني للإحتواء أو الإستعباد، ونسجت تدريجيا سياسة ممنهجة لسيادة الإستبداد لحزب الفرد الواحد، ليمارس التعسف والتسويف والإغتيال لكل من تصدى لهذا التوجه بدء بالدائرة الأبعد ثم الأقرب وهكذا دواليك . فبهذا الإنقلاب الذي تم علي نصوص "ميثاق الحرية "الأرتري دخلت أرتريا نفقا مظلما أوصلها إلي حافة الإضمحلال كدولة وشعب . جنوب أفريقيا أسست قاعدة النماء بتأمين سيادة الشعب .. في أرتريا صودرت إرادة الشعب فتهاوت القيم السامية وتهاوت علي إثرها كل أعمدة البناء .وآخر ماقاله زعيم الإستبداد في أرتريا .. أن الدستور الذي ناقشه الشعب قد مات ... ولم يقل قد أغتيل ، وفي سابقة نادرة لم نسمع بها لا في الغابر ولا في الحاضر أن دستورا يموت من تلقاء ذاته دون أن يغتاله أحدا . ثم إستدرك أمره فقذف بكلمة لشراء الوقت مجددا، قائلا فيها: أنه يُعِد للشعب دستورا عليهم إنتظاره. معالي السيد /يماني قبر آب ،كيف نجد للتشابه سبيلا بين تجربتي جنوب أفريقيا واريتريا ؟! فهما يمثلان تقابل التناقض بين السلب والإيجاب ، بين الليل والنهار ، فهناك دستورهم حي لا يموت منذ 1994م حتي اللحظة مانحا الحياة للشعب الجنوب أفريقي، ونحن دستورنا يموت كل يوم منذ 1994م ما نحا الموت للشعب الأريتري.عدوليس

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More